إجراءات جديدة للحد من ظاهرة الاستيلاء على العقارات في المغرب

في سنة 2017، تم تقديم أكثر من 450 قضية سرقة عقارية للمحاكم المغربية، حسب قول ستيفان فابر، الأمين العام لجمعية القانون والعدالة في المغرب، وقد دفع هذا الرقم المقلق المنظمات المعنية إلى اعتماد العديد من التدابير لضمان حقوق المشترين و إرجاع الثقة إلى القطاع، موقع ساروتي.ما، يطرح عليك هذا المقال من أجل أن تكتشف كل المستجدات القانونية التي تم تبنيها لتفادي المشاكل الممكنة في القطاع العقاري .

القانون الجديد للحقوق العينية

تم اعتماد قانون جديد بالإجماع في غشت 2017 من قبل مجلس النواب، حيث تم وضع القانون رقم 16-69، الذي يكمل المادة 4 من القانون رقم 08-39 لحماية حقوق الملاك. وينص البند الجديد على أن أي توكيل يجب أن يكون عن طريق محام معتمد لدى محكمة النقض، ويجب على المحامي إبلاغ المالك بجميع الصلاحيات التي ستتاح إلى الموكل له، من أجل معرفة الإجراءات التي يمكنه القيام بها عن طريق الوكالة الموقعة من طرفه.  خلاف لذلك يعتبر المستند غير صالح.

في الواقع، فإن من بين أكثر أساليب الاستيلاء الشائعة على العقارات، هي عن طريق تزوير الوكالات التي يتم توقيعها دون وجود صاحبها الأصلي في حالة إجراء البيع أو الإيجار.

قوانين جديدة لردع الاستيلاء على العقار في المغرب

بعد سنوات عديدة من العمل والبحث، وتلقي العديد من الشكايات المختلفة حول استيلاء المافيات المنظمة على عقار الغير، رأت النصوص الموضوعة لردع هذه الجريمة النور أخيرا ودخلت حيز التنفيذ.

في يونيو 2018، وبعد صدور القانون رقم 69.16 الذي عدلت بمقتضاه المادة 4 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، والذي جاء استجابة للشكاوى التي وردت على الديوان الملكي من طرف مواطنين حول تنامي ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، اعتمد مجلس الحكومة مشروعي قانونين بشأن الاستيلاء العقاري، حيث يعدل النص القانوني الأول ويكمل القانون 01-22، الذي ينظم الجانب الجنائي ويضع تدابير للحفاظ على الممتلكات المهددة بالاستيلاء، في حين يهدف النص التشريعي الثاني إلى توحيد العقوبات المتعلقة بتزوير مستندات المعاملات العقارية إلى مختلف المعنيين الذين يرتبط اسمهم بالمعاملات العقارية، بما في ذلك المحامي و الموثق و العدول.

مغاربة المهجر والأجانب الأكثر تضررا من مافيات العقار

العديد من المغاربة المقيمين في الخارج يستثمرون في العقارات بالمغرب ويواجهون العديد من الصعوبات والمشاكل حول عقاراتهم، بما في ذلك الاستيلاء على ممتلكاتهم من طرف منظمات إجرامية تستولي على العقارات مستغلين عدم وجودهم بأرض الوطن، حيث عانى مالكو الشقق والأراضي والمباني التجارية من سرقة العقارات، عن طريق تزوير عقود البيع وتزوير الهوية وغير ذلك من الأفعال الإجرامية، هذه الأفعال حركة الحكومة، حيث أن وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، كان قد نبه المغاربة من هذه المافيات و حتهم على التطلع على عقاراتهم كل 4 سنوات كإجراء من أجل تفادي هذه المنظمات الإجرامية من أجل الاطمئنان أن الشقة أو المنزل الذي تم اقتنائه لا يزال في ملكيتهم.

الظاهرة عرفت تدخلا ملكيا في سنة 2016، جراء العدد الهائل من الشكايات التي توصل بها الديوان الملكي حول الموضوع الذي دق ناقوس الخطر عن طريق رسالة سامية لردع هذه الظاهرة،  حيث هدف إلى إثارة انتباه وزارة العدل والحريات لخطورة الأمر، وحتها إلى اتخاذ ما يلزم للبت في القضايا المحولة على المحاكم، وإصدار الحكم في آجال معقولة و بالنجاعة اللازمة. من جهة أخرى، مافيات العقار التي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، نظرا لعدم نزاهة بعض المهنيين، لم تكن تستهدف المغاربة المقيمين في الخارج فقط، حيث كانت تختار ضحاياها من الأجانب كذلك، ومن بين التدابير التي تم اتخاذها من طرف الحكومة لمنع الاستيلاء على العقارات، حددت المهنيين الذين بإمكانهم إجراء المعاملات العقارية ووضعت المسؤولية كاملة على عاتقهم، حيث اليوم لا تعتبر أي بيع أو شراء قانوني إلا بكتابة من طرف المحامي أو الموثق، وفي بعض الحالات العدول.

حلول لتجنب الاستيلاء على العقارات

كما هو الحال مع مؤسسات الدولة المختلفة، المحافظة العقارية هي الأخرى مواكبة عصر السرعة وقامت برقمنة خدماتها، هذه الخاصية الجديدة لا تهدف فقط إلى تسهيل الأمر على المواطنين وتقريب المحافظة منهم، ولكن أيضا لتجنب الاحتيال وتفادي الاستيلاء على عقاراتهم بطرق غير مشروعة.

بفضل رقمنة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح الخرائطي، يمكن للمغاربة المقيمين في الخارج من الوصول إلى المعلومات المختلفة المتعلقة بالعقارات التي يمتلكونها على الإنترنت، حيث أن هذه المبادرة سهلت على هذه الفئة من المغاربة التنقل إلى أرض الوطن من أجل القيام بالإجراءات الضرورية، ولعل الرقم الذي طرح حول تحفيظ 5 ملايين عقار دليل على نجاح الخدمة الرقمية للمحافظة العقارية.  

بالإضافة إلى ذلك تم وضع تطبيق “محافظتي” على الهاتف الذكي، للسماح للمواطنين المغاربة والأجانب بمتابعة الإجراءات الرسمية المختلفة، مثل وثائق ملكية الأراضي وغيرها خاصة بممتلكاتهم، وكذا التطلع على عقارتهم من حين إلى آخر ببضع نقرات فقط.

بعد الرسالة الملكية التي تندد بتكاثر الشكايات حول الاستيلاء على العقارات وتطالب المؤسسات المعنية بالتعامل معها، تم تشكيل لجنة وزارية تحت إشراف وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، تتكون اللجنة من محترفين يعملون في القطاع العقاري، مثل المحامين و موثقين، فضلا عن هيئة قانونية. وبعد سنة من ذلك، بدأت القوانين الجديدة تطبق على أرض الواقع في نهاية المطاف، من أجل إعطاء ثقة أكثر الصفقات العقارية وتجنب مافيات العقار التي دفعت العديد من المغاربة المقيمين في الخارج إلى الاستثمار بعيداً عن المغرب، حيث تهدف هذه الإجراءات الجديدة إلى تشجيع الأجانب والمغاربة على الحصول على عقارات في المملكة المغربية دون الخوف من الاستيلاء على ممتلكاتهم.

أيوب برض