إشكالات وتحديات كبرى تواجه السكن الاقتصادي في المغرب

سوق العقارات في المغرب لطالما شهد كثيرا من الجدل والحديث في مختلف الأوساط الاقتصادية والاجتماعية والقانونية، حيث أنه بينتقلبات العرض والطلب، ظل سوق العقار يراوح مكانه في السنوات الأخيرة، ففي زمن يعد فيه التوفر على مسكن قار أمرا مسلما به في دول الكبرى، فإنه مازال بالنسبة إلى كثير من المغاربة حلما بعيد المنال، وقد لا يتحقق مع استمرار تراجع قدرتهم الشرائية وارتفاع مؤشر أسعار العقار الذي لا ينتظر أحدا.

المغرب يعرف عجزا مهما في السكن، فحسب الدارسة التي قامت بها وزارة الإسكان، وضحت أنه يوجد طلب مليون و500 وحدة سكنية في الخمس سنوات القادمة، نظرا لأن ساكنة المغرب تشمل جزءا كبيرا من الفئة الشابة، التي تلج إلى سوق العمل سنة تلو الأخرى، وبدورها تبحت عن اقتناء شقق خاصة بها.

عندما يبدأ الحديث عن سوق العقار في المغرب، وتقلبات أسعاره سواء في الانخفاض أو الارتفاع، إلا ويسهب الحديث حول المشاريع السكنية الموجهة إلى الطبقات المحدودة الدخل أو الفقيرة، الذين يلجؤون إلى اقتناء شقق في السكن الاقتصادي، رغم أن العديد منهم يعتبرونها غير متوفرة على متطلبات السكن اللائق، لكنهم لا يجدون بديلا عنها من أجل ضمان قبر الحياة.

حيثيات السكن الاقتصادي في المغرب

السكن الاقتصادي بالمغرب، هو عبارة عن تجمع سكني، يتوفر على العديد من الشقق التي لا يجب أن تقل مساحتها عن 50 مترا، وألا تزيد عن 80 متر، و يحدد ثمن الشقة في 250 ألف درهم، دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة، حيث أن الدولة تساهم بملغ 40 ألف درهم عن كل شقة، إذ استوفت شروط السكن الاقتصادي المنصوص عليها، حيث تصبح القيمة الحقيقة للشقة هي 290 ألف درهم باحتساب ضريبة القيمة المضافة، إذ لا تعتبر الشقق التي تفوق هذا المبلغ من السكن الاقتصادي ولا تحصل على دعم من الدول، وتنظم مشاريع السكن الاجتماعي مقتضيات تشريعية، من ضمنها المندوبية العامة للضرائب، في موادها 92 و93 و147، و كذا جباية الجماعات المحلية خصوصا في المادة 6 و41، حيث تحدد من خلالها شروط الاستفادة، وإلزاميات المنعشين العقاريين في مشاريع السكن الاقتصادي.

العراقيل والإشكالات في مشاريع السكن الاقتصادي

أضحت الأسر المغربية تبتعد عن فكرة شقة في السكن الاقتصادي للعديد من الأسباب، حيث أنها أصبحت لا تتماشى مع متطلعاتها، فالجمعية الوطنية لحماية المستهلك في المغرب، توصلت بأزيد من ألف شكاية تهم العقار في سنة 2013، مما يعادل نسبة 13 في المئة من الشكايات الواردة عليها، حيث أن أغلبها تهم تجاوزات بخصوص مساحة الشقة الذين يتفاجؤون بها بعد التسليم، التي تقل عن المساحة المتفق عليها، أو عن تأخر أجل التسليم، في حين شكايات أخرى تتضمن الحالة الرديئة والتشطيب السيء لشقق السكن الاقتصادي، مع العلم أن ليس جل المغاربة يقومون بسرد الشكايات، حيث تقبل العديد منهم الأمر، وقاموا بإعادة إصلاح الشقق من جيبهم الخاص.

الناشطون في مجال العقار، يرون على أن مشاكل العقار ستتزايد مع مرور السنين، إذ استمر غياب المراقبة والمتابعة للمشاريع السكنية، وما يفعله المنعشين العقاريين بعدم احترام التزاماتهم اتجاه إنشاء مشاريع سكنية ذات جودة مقبولة، توفر السكن المريح لفائدة هذه الفئات.

ومن جهة ثانية نجد أن عدم وعي المستهلك بحقوقه كافة، يجعل من هذه الظاهرة تتطور بشكل كبير، ولعل العاصمة الاقتصادية أكبر مرتع للسكن الاجتماعي، فساكنة الدار البيضاء، وخصوصا الفئات المحدودة الدخل، الذي يقبلون بشكل كبير على شراء عقارات ومشاريع سكنية في طور البناء، يفاجئ غالبا المقتني بعد سنوات من الانتظار، بشقة لا صلة لها بما كان يطمح إليه، وما رآه في الشقق النموذجية التي عرضها عليه المستثمر العقاري في البداية.

المغاربة يقلبون الطاولة على شقق السكن الاقتصادي

عرف المغرب بناء مئات الآلاف من مشاريع الشقق الاقتصادية، التي سعت الحكومة إلى دعمها للقضاء على أزمة السكن التي كانت تُقدر بمليون وحدة قبل 15 سنة، ومن أجل توفير مساكن للعيش الكريم لجل المواطنين، وشهد قطاع الاستثمارات العقارية آنذاك، تهافت الشركات على بناء أكبر عدد ممكن للاستفادة من الامتيازات الممنوحة من طرف الدولة، التي قدمت امتيازات عديدة لهؤلاء المستثمرين.

 ليس دائما تذهب الرياح بما تشتهي السفن، فبعد تشييدها وما عرفتها هذه المشاريع من اختلالات وصدمات لفائدة مقتني الشقق في السكن الاجتماعي، قلبت معادلة العرض والطلب في المغرب، فبعدما كان الطلب أكبر من العرض في السابق، الآن عدد الشقق الجديدة نقص إلى 135 ألف وحدة من أصل 294 ألفاً كانت مبرمجة سلفاً، مما شكل خسائر كبيرة للشركات المستثمرة في قطاع العقار في المغرب، حيث أضحى يقدر عدد الباحثين عن سكن جديد في الآونة الأخيرة حوالي 180 ألف أسرة سنوياً، ويقل هذا العدد عن الوحدات السكنية المتوافرة المقدرة بـ 270 ألفاً العام الماضي.

مشاكل عديدة ظهرت في هذه المشاريع، كانت السبب الرئيسي في تدني مردودية شراء المواطنين شقق في السكن الاقتصادي، حيث أن المشاريع التي أنجزت في هذا القطاع، تم تشييدها في أماكن بعيدة عن وسط المدينة، حيث تغيب المواصلات، أو عدم توفر التجهيزات المرافق الضرورية، من بينها المدارس والمستشفيات، دون الحديث عن المساحات الخضراء التي تتوفر فقط في الإعلانات.

القروض البنكية والسكن الاقتصادي

السبيل الوحيد لفائدة الأسر المتوسطة وذات الدخل المحدود، من أجل شراء سكن في مشاريع السكن الاقتصادي، هي القروض البنكية التي أضحت تشكل مرابحة مميزة لفائدتها، لكنها من جهة أخرى تثقل كاهل المغاربة، حيث يضحي الفرد ب 25 سنة من عمره في تسديد القروض البنكية الملزمة على عاتقه، رغم أنه ليس راض عن الشقة التي اقتناها، في حين فئة أخرى تتجه للبنوك الإسلامية، التي تستقبل العديد من الطلبات من أجل شراء عقار من طرف عملاء المصارف الإسلامية التي رأت النور بالمغرب في العام الماضي، فحسب استطلاع وزارة الإسكان، أن 55 % من المغاربة يهدفون إلى شراء السكن عن طريق القروض البنكية لدى المصارف الإسلامية.

في هذا السياق فقد أصدرت المديرية العامة للضرائب حديثا، مذكرة تشرح عن طريقها الشروط الموضوعة لاقتناء السكن الاقتصادي المعفى من الضريبة على القيمة المضافة، وذلك في إطار منتوج ”المرابحة”، حيث يشترط للاستفادة من إعفاء الضريبة على القيمة المضافة، أن يقوم البنك الإسلامي بشراء شقق السكن الاجتماعي، من طرف منعش عقاري تجمعه اتفاقية مع الدولة، بالإضافة إلا أنه من الواجب أن يضع الموثق لدى مصلحة الضرائب المحلية طلب إمكانية الحصول على إعفاء من الضريبة على القيمة المضافة، يحتوي من خلاله على الاسم الكامل ورقم بطاقة التعريف الخاصة بالزبون المستقبلي للسكن الاجتماعي، وكذا من الواجب التوفر على نسخة من الاتفاقية المبرمة بين المنعش العقاري والدولة المغربية، والوعد بالشراء موقعة من لدن المشتري النهائي.

أيوب برض